لمعظم القرن التاسع عشر والعشرين كانت غويانا الفرنسية مكانًا مقفرًا وخاليًا إلا من بعض مستعمرات متناثرة هنا وهناك. فقد أصبحت بعد ذلك مكانًا لعشرات الآلاف من السجناء الذين تم شحنهم إلى السجون الفرنسية، وقد نجا عدد قليل منهم ليعيدوا رواية الفظائع التي عاشوها. وكان موقع هذه السجون على ساحل غويانا الفرنسية إلى السواحل الشمالية من المحيط الأطلسي لأمريكا الجنوبية. أما كاين فقد كانت أسوأ المستعمرات في التاريخ. فلمعظم القرنين التاسع عشر والعشرين كانت مستودعًا لفرنسا حيث كانت تحتجز السجناء والمجرمين.
أما أسوأ سجونها فكان جزيرة الشيطان. حاولت فرنسا استعمار غويانا الفرنسية عام 1763، لكنها فشلت في ذلك، وقد أرسلت 12 ألف من مستعمريها الذين توفي 75% منهم في العام الأول. في عام 1852 أنشأ نابليون الثالث جزرًا قبالة سواحل غويانا الفرنسية لتكون مستعمرة لمخالفي القانون والمجرمين في فرنسا!
وقد أصبحت الجزيرة فيما بعد معقلًا للوحشية والعنف. فقد تفشت الأمراض الاستوائية، كما زاد عنف السجناء ضد بعضهم البعض. وقد أُطلق على الجزيرة اسم “المقصلة الجافة” حيث ارتفعت فيها نسبة الجوع، والأمراض الاستوائية، والأشغال الشاقة. وكانت النظم الصحية بدائية ومحدودة في أحسن الأحوال، ما أدى لانتشار أوسع للأمراض. وكانت الطريقة الوحيدة للتخلص من هذه الأحوال السيئة بالهرب عبر القوارب، وقد استطاع بعض السجناء الهرب.
ومعظم السجناء البالغ عددهم 80 ألف لم يخرجوا من الجزيرة أحياء، حيث بقي 50 ألف منهم في جحيم الأمراض الاستوائية. وقد عانى معظم السجناء من الأشغال الشاقة من تقطيع الأخشاب وبناء الطرق. وإن لم يقم أحدهم بعمل ما عليه من واجبات فكان يُحرم من الغداء. وحين يموت أحد السجناء كان يتم إلقاؤه في البحر فقط، بدلًا من أن يتم عمل مراسم جنازة مناسبة له.
وأشهر سجناء هذا السجن ألفريد دريفوس وهو مسئول في الجيش الفرنسي وقد أُرسل خطأ إلى الجزيرة. مكث في السجن أربع سنوات من 1895 إلى 1899 قضاها في العزل الانفرادي. وقد أبقى معه صحيفة ليدون أكثر من 1000 رسالة يتحدث فيها عن الظروف المرعبة في السجن. وقد أرسل معظم الجواسيس إلى هذا السجن خلال الحرب العالمية الأولى.
وفي عام 1938 نشر سجين سابق مذكراته حول السجن ما أدى لإثارة الرأي العام الفرنسي. وفي 17 يونيو 1938 تم إلغاء مرسوم نقل السجناء إلى سجن مستعمرة جزائية. وقد أغلق سجن تلو الآخر، لكن الحرب العالمية الثالثة أجلت نقل آخر السجناء إلى 1953.
في عام 1965 حولت فرنسا الجزر كجزء من مركز غويانا الفضائي، والجزيرة اليوم ممتلئة بالصواريخ الفضائية. وقد أعيد ترميم كثير من السجون وتحويلها إلى معالم تاريخية، ويزروها سنويًا 50 ألف سائح.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق